Call us now:
تعتبر المادة 46 من نظام التنفيذ في المملكة العربية السعودية هي العصب الرئيسي والركيزة الأقوى التي يعتمد عليها قضاء التنفيذ لضمان حقوق الدائنين وردع المماطلين. ومع التحديثات المستمرة التي تقرها وزارة العدل السعودية لتطوير المنظومة العدلية، يبرز السؤال الأهم لدى الكثيرين: ما هي تفاصيل المادة 46؟ وما الفرق بينها وبين المادة 34؟ وكيف يمكن رفع العقوبات المترتبة عليها؟
في هذا المقال التفصيلي، سنغوص في أعماق نظام التنفيذ الجديد، ونشرح كافة الجوانب القانونية والإجرائية المتعلقة بهذه المادة، مما يجعله مرجعك الأول والكامل.

1. ما هي المادة 46 من نظام التنفيذ؟ (شرح مبسط)
تنص المادة 46 من نظام التنفيذ السعودي على الإجراءات الصارمة التي يتخذها قاضي التنفيذ ضد المدين في حال امتناعه عن تنفيذ السند التنفيذي (مثل الحكم القضائي، الشيك، الكمبيالة، أو السند لأمر) أو تأخره في ذلك.
ببساطة، إذا أصدرت المحكمة أمراً بالتنفيذ ولم يقم المدين بالسداد أو الإفصاح عن أمواله خلال المهلة المحددة، يُعد “مماطلاً”، وهنا يأتي دور المادة 46 لفرض عقوبات فورية تجبره على الوفاء.
متى يتم تطبيق المادة 46؟
لا تطبق المادة 46 فوراً، بل تمر العملية بمراحل:
صدور قرار التنفيذ بموجب المادة 34.
إبلاغ المنفذ ضده (المدين) بالقرار.
مرور مهلة 5 أيام من تاريخ التبليغ دون سداد أو إبداء رغبة جدية في التنفيذ.
بعد انقضاء المهلة، يحق لطالب التنفيذ (الدائن) طلب تطبيق المادة 46 عبر منصة ناجز.
2. الفرق بين المادة 34 والمادة 46 في نظام التنفيذ
من أكثر الأسئلة شيوعاً في محركات البحث هو الفرق بين هاتين المادتين. ولتوضيح الأمر:
المادة 34 (مرحلة الإنذار): هي الخطوة الأولى، وهي عبارة عن قرار يصدره القاضي يُبلغ فيه المدين بضرورة التنفيذ خلال 5 أيام. لا يترتب عليها عقوبات مباشرة سوى “الإبلاغ”.
المادة 46 (مرحلة العقاب): هي الخطوة الثانية التي تلي انتهاء مهلة المادة 34. هي مرحلة “الحزم”، حيث تتحول القضية من مجرد مطالبة إلى إجراءات عقابية وتنفيذ جبري يشمل تجميد الحسابات والمنع من السفر.
3. العقوبات والإجراءات المترتبة على تطبيق المادة 46
بمجرد تفعيل المادة 46، يصدر قاضي التنفيذ حزمة من القرارات التي تهدف للتضييق على المدين المماطل، وتشمل ما يلي وفقاً للنظام الجديد:
أ. المنع من السفر
يصدر أمر فوري بمنع المدين من السفر خارج المملكة العربية السعودية لضمان عدم هروبه بالأموال أو التهرب من المسؤولية.
ب. إيقاف الخدمات الحكومية (التعديلات الجديدة)
في السابق، كان إيقاف الخدمات يشمل تجديد الهوية ورخص القيادة وغيرها. ولكن، وفقاً للتعديلات الجديدة وضوابط إيقاف الخدمات، أصبح الإيقاف يركز على الجوانب المالية فقط ولا يمس الخدمات الأساسية التي تضر بالتابعين أو الحياة اليومية الضرورية (مثل العلاج والتعليم وتوثيق الوقائع المدنية).
ج. الحجز على الأموال والحسابات البنكية
يتم تجميد حسابات المدين البنكية وحجز الأرصدة الموجودة بها بمقدار الدين المطالب به، ومنع أي تعاملات مالية أو فتح حسابات جديدة.
د. الإفصاح عن الأصول والأموال
تخاطب المحكمة الجهات المعنية (مثل هيئة السوق المالية، إدارة المرور، وكتابات العدل) للإفصاح عن ممتلكات المدين من عقارات، سيارات، وأسهم، ليتم الحجز عليها تمهيداً لبيعها في المزاد العلني واستيفاء الحقوق.
هـ. التسجيل في “سمة”
يتم إدراج اسم المدين في القوائم الائتمانية السلبية (الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية – سمة)، مما يمنعه من الحصول على أي تمويلات بنكية أو قروض مستقبلية.
و. حبس المدين (الحبس التنفيذي)
رغم أن المادة 46 تركز على الإجراءات المالية، إلا أنها تمهد الطريق لتطبيق المادة 83 التي تجيز حبس المدين إذا ثبت أنه يخفي أمواله أو يمتنع عن التنفيذ رغم قدرته، وذلك بناءً على طلب الدائن وتقدير القاضي.
4. كيفية رفع إيقاف الخدمات والمادة 46 (خطوة بخطوة)
يتصدر البحث عن “كيفية رفع المادة 46” النتائج، والحل يكمن في المسارات التالية:
الحل الأول: السداد الكامل
هو الطريق الأسرع. بمجرد سداد كامل المبلغ عبر نظام “سداد” المرتبط بوزارة العدل، يتم رفع العقوبات إلكترونياً وبشكل تلقائي في الغالب خلال 24 إلى 48 ساعة.
الحل الثاني: طلب مهلة أو تقسيط (الصلح)
يمكن للمدين تقديم طلب “مهلة وإمهال” عبر منصة ناجز. إذا وافق الدائن على تقسيط المبلغ أو منحه مهلة، يقوم القاضي برفع العقوبات مؤقتاً طالما التزم المدين بالاتفاق.
الحل الثالث: دعوى الإعسار
إذا كان المدين عاجزاً تماماً عن السداد وليس لديه أموال ظاهرة، يمكنه رفع “دعوى إعسار”. إذا ثبت إعساره بحكم قضائي، قد يتم رفع الحبس عنه، ولكن تبقى بعض القيود المالية قائمة حتى ييسر الله حاله.
5. خطوات تنفيذ المادة 46 عبر منصة ناجز الإلكترونية
أتاحت وزارة العدل كافة خدمات التنفيذ إلكترونياً. لتطبيق المادة 46، يقوم الدائن (طالب التنفيذ) بالخطوات التالية:
الدخول إلى بوابة ناجز (Najiz.sa) بحساب النفاذ الوطني.
اختيار “الخدمات الإلكترونية” ثم “باقة التنفيذ”.
الدخول على “طلباتي” واختيار طلب التنفيذ الجاري.
الضغط على “طلبات إجراءات من الدائرة”.
اختيار “طلب إصدار قرار 46”.
تحديد الإجراءات المطلوبة (منع سفر، حجز أموال، إلخ) وإرسال الطلب.
يقوم القاضي والموظفون المختصون بمراجعة الطلب والموافقة عليه إلكترونياً.
6. الاستثناءات من المادة 46
يراعي المنظم السعودي الجوانب الإنسانية، ولذلك هناك استثناءات وأموال لا يجوز الحجز عليها بموجب المادة 46 والمادة 21، وتشمل:
الأموال اللازمة لنفقة المدين ومن يعولهم (الحد الأدنى للمعيشة).
المسكن الخاص بالمدين وعائلته (في حال كان يتناسب مع حالته وليس قصراً فارهًا، وبشروط محددة).
وسيلة النقل الخاصة بالمدين ومن يعولهم.
مستلزمات مهنته التي يعتاش منها.
7. أثر المادة 46 على الشركات والمؤسسات
لا يقتصر تطبيق المادة 46 على الأفراد، بل يمتد للكيانات التجارية. إذا طبقت على شركة:
يتم إيقاف سجلاتها التجارية.
حجز حساباتها البنكية.
منع الجهات الحكومية من التعامل معها، مما يعني شللاً في قدرتها التشغيلية حتى سداد المستحقات.
8. الأسئلة الشائعة حول المادة 46 (FAQ)
س: هل المادة 46 تشمل الحبس؟ ج: المادة 46 بحد ذاتها هي إجراءات منع وحجز. الحبس يأتي كإجراء لاحق وتكميلي (بموجب المادة 83) إذا استمرت المماطلة وطلب الدائن ذلك، وضمن ضوابط محددة (مثل مبلغ الدين وعمر المدين).
س: كم مدة رفع إيقاف الخدمات بعد السداد؟ ج: بعد السداد عبر نظام سداد، يتم رفع الإجراءات إلكترونياً فوراً في سجلات وزارة العدل، وتنتقل المعلومة للجهات الأخرى (المرور، الجوازات، البنوك) خلال مدة تتراوح من 24 ساعة إلى 3 أيام عمل.
س: هل تمنع المادة 46 التوظيف؟ ج: نظاماً، لا تمنع المادة 46 المواطن من العمل في القطاع الخاص، بل إن تمكينه من العمل يساعده على السداد. ومع ذلك، قد يواجه صعوبة في فتح حساب راتب جديد إذا كانت جميع حساباته مجمدة، وهنا يتدخل القضاء لتمكينه من سحب نسبة محددة من الراتب (عادة 67%) وحجز الثلث.
الخاتمة
إن المادة 46 من نظام التنفيذ الجديد تمثل سيف العدالة الحاسم لاستعادة الحقوق. ورغم قسوة إجراءاتها، إلا أنها ضرورية لاستقرار المعاملات المالية وحفظ الحقوق في المجتمع. النصيحة الذهبية لأي شخص يصدر ضده قرار 34 هي المبادرة فوراً للتواصل مع الدائن أو المحكمة لترتيب السداد قبل تفاقم الأمور وصدور قرارات المادة 46 التي قد تشل حركته المالية والاجتماعية.
في ظل التحول الرقمي، أصبح التعامل مع هذه القضايا أسرع وأكثر شفافية عبر “ناجز”، مما يوجب على الجميع الوعي القانوني الكامل بحقوقهم وواجباتهم.
مقالات متصلة:






